التاريخ: نيسان ٤, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
50 مليون عربي جائع وزعماء... في قيلولة!
موناليزا فريحة
ليست المرة الأولى تلتقط عدسات المصورين صور زعماء عرب استسلموا للنعاس في قمة عربية، الا أن النائمين في تونس هذه المرة كادوا ان يكونون أكثر من الصاحين، مع أن التحديات كبيرة والأزمات تتطلب استنفاراً.

بينما كانت الخطابات في قمة تونس تعيد نفسها، وبيانها الختامي يلوّح بـ"الثوابت" العربية في مواجهة

قرارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب في شأن القدس والجولان وقنبلته المتوقعة في ما يسمى "صفقة القرن"، كان مؤتمر "أيام الأراضي والمياه 2019" الذي تنظمه منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" في القاهرة يذكّر بأن عدد من يعانون الجوع في المنطقة العربية ارتفع إلى 50 مليوناً، من 16 مليوناً عام 2004 و 33 مليوناً عام 2014، وذلك بسبب الحروب وعدم الاستقرار والاضطرابات الداخلية في المنطقة.

على الصعيد العالمي، تظهر الأرقام أن عدد من يعانون نقصاً في الغذاء تراجع الى 100 مليون شخص منذ عام 2004، وتمكنت 63 دولة من خفض نسبة هؤلاء إلى 50 في المئة، إلا ان هذا التقدم الكبير لم يشمل المنطقة العربية، إذ إن هناك 14 مليون شخص في اليمن يمثلون أكثر من نصف السكان، و8,7 ملايين في سوريا يمثلون 37 في المئة من السكان، في حاجة ملحة إلى الغذاء.

وتعد الحروب التي تفتك بالمنطقة منذ عقود، العامل الأساسي وراء ارتفاع معدلات الفقر. فمع أن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تعد 6 في المئة تقريباً من سكان المعمورة، فقد لفظت أكثر من ثلث اللاجئين على مستوى العالم.

وفي سوريا وحدها، أرغِم 11 مليون شخص على النزوح من قراهم ومدنهم إلى مناطق داخلية أخرى، أو عبر الحدود الدولية.

وعلى رغم الأثر الكبير للحروب في زيادة معدلات الجوع، عانى نصف الدول العربية تقريباً بشكل أو بآخر، الفقر أيضاً بسبب سياسات اقتصادية وتنموية خاطئة. وبينما لا يملك الزعيم العربي عادة قرار وقف الحرب في بلاده، فهو الزعيم المطلق الذي يملك مفاتيح السياسات الكفيلة بتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، وتالياً امكانات ابعاد شبح الجوع والفقر عن شعبه.

ولكن باستثناء عدد قليل من المبادرات، لا تعكس الارقام والوقائع التي يعرضها أكثر من 300 خبير وبعثة حكومية وأهلية في المؤتمر، وعياً رسمياً بحجم التحديات الناجمة عن شح المياه وتغير المناخ وتدهور الأراضي. وليس ثمة سياسات تنموية واضحة تركز على النمو الاقتصادي وأثره في وضع حد للفقر، بينما يستمر انفاق الملايين على التسلح والمعدات العسكرية.

ينام الزعماء العرب ملء جفونهم، ولا يشكل الجوع هاجساً لهم، خصوصاُ أن بعضهم يستخدمه سلاح حرب ضد خصومه، غير أن هؤلاء يتناسون أن الجوع كافر، وأن "ثورة الجياع" لا تحمد عقباها.